قطع الأحجار الكريمة
مقدمة
تُعتبر الأحجار الكريمة من أجمل وأثمن المواد الطبيعية التي استخدمها الإنسان عبر العصور. تتميز هذه الأحجار بألوانها الفريدة وخصائصها الفيزيائية، مما يجعلها محط اهتمام في مجالات المجوهرات والفنون. تتطلب عملية قطع وتشكيل الأحجار الكريمة مهارات وتقنيات دقيقة لضمان تحقيق أقصى درجات الجمال والقيمة.
طرق تشكيل الأحجار الكريمة
توجد عدة طرق لتشكيل الأحجار الكريمة، حيث تُصقل الأحجار شبه النفيسة المعتمة وشبه الشفافة، مثل العقيق والجاسبر، بالتدوير أو تُنحت أو تُنقش، أو تُقطع على شكل نصف كرة. أما الأحجار الشفافة، مثل الأميثيست والألماس والسافير، فتُسطح عادة إلى أوجه صغيرة للحصول على أعلى تألق وتوهج للحجر، أو في بعض الحالات لتحسين لونها. تُعرف عملية تشكيل الأحجار بـ"القطع"، رغم أن التشكيل غالبًا ما يتم بعملية الصقل.
الصقل والنحت
يتم صقل وتدوير معظم الأحجار شبه النفيسة عن طريق وضعها في أسطوانة تدور مع حجر طاحون دقيق متدرج في حجمه مع المياه، والتي تدور حول محورها الطويل. تُعرف هذه العملية بالصقل بالتدحرج، وهي مشابهة للعملية التي تسبب استدارة حصاة الشواطئ. أما الأحجار الكريمة المتطبقة، مثل العقيق اليماني والجزع العقيقي، فيتم نحتها لتكوين الأحجار الكريمة ذات النقش البارز (كموة) والأحجار الكريمة ذات النقش الغائر. في الحجر الكريم ذو النقش البارز، يُقطع الحجر حول التصميم، مما يؤدي إلى ارتفاعه في تضاريسه عن الخلفية ذات الألوان المختلفة. وفي الحجر الكريم ذو النقش الغائر، يُفرغ المنظر المراد لعمل صورة مجوفة يمكن استخدامها كختم.
قطع الكابوكون
تُعتبر طريقة قطع الكابوكون (حجر كريم محدب مصقول الأوجه) من أفضل الطرق لإظهار الألوان والخصائص البصرية للأحجار الكريمة المعتمة أو شبه الشفافة. يتم قطع الحجر على هيئة كابوكون ذو سطح علوي محدب دائري وسطح سفلي مسطح. تُقطع الكابوكونات وتصقل على عجلات كاشطة لتشكيل الحجر في البداية إلى شكله التمهيدي، ثم يُشكل سطحه العلوي ويُصقل إلى قبة باستخدام مواد كاشطة متدرجة تنازليًا في حجم الحبيبات.
بعض الأحجار الكريمة تحتوي على محتويات أو بنيات اتجاهية بداخلها. خاصية بريق عين الهر تعزى إلى وجود ألياف أو فراغات أنبوبية مجهرية داخل الحجر الكريم؛ بينما تحدث الخاصية النجمية عندما تتواجد مجموعة من الألياف المتعامدة أو المائلة على بعضها بزوايا 60 درجة. تظهر هذه الخصائص عن طريق قطع الأحجار على هيئة كابوكون. ويطلق على البريق الهادئ الناتج عن قطع حجر القمر على هيئة كابوكون اسم "خاصية تلاعب الألوان".
تشكيل الأوجه الصغيرة (الوجيهات)
إن أفضل طريقة لتعظيم جمال حجر كريم شفاف هي قطع سطحه إلى مجموعة مستوية من الأسطح العاكسة التي تُعرف بالوجيهات. يتم لصق الحجر الكريم على حامل يسمى "دوب"، ويُثبت تجاه عجلة أفقية تدور عليها مسحوق كاشط، والذي يشحذ كل وجه. تُوجه الوجيهات في مواضع هندسية محددة وبزوايا معينة. أثناء عملية القطع، تنسحق كثير من مادة الحجر الكريم بعيدًا، وغالبًا ما تعادل نصف الحجر أو أكثر، إلا أن قيمة الحجر الكريم عند انتهاء القطعة تزيد كثيرًا. تعتبر عملية تكوين الوجيهات معقدة إلى حد ما، حيث يجب الاحتراس أثناء توجيه الحجر لإظهار أفضل لون أو لإخفاء أسوأ لون في الأحجار المتلونة، وكذلك الاحتفاظ بأكبر قدر من مادة الحجر، وإظهار أفضل بريق.
قيمة الأحجار الكريمة
تُقيم الأحجار الكريمة بناءً على أربع خصائص رئيسية: اللون، الوضوح، القطع، والقيراط (الوزن). في حالة بلورات الألماس عديمة اللون، يعتبر عدم الوجود المطلق لأي لون هو الحالة الأفضل. بينما في الأحجار الملونة مثل الياقوت والسافير، تُقدر القيمة بنقاء اللون وقوته. يُعزى الوضوح إلى عدم وجود مواد غريبة مرئية أو غير مرئية بداخل الحجر. تُقيم مرتبة القطع على أساس جودته التقنية والبريق الناتج عن ذلك القطع. القيراط هو وحدة قياس الوزن، وهو يكافئ خمس الجرام، ويؤثر الوزن النهائي أيضًا في قيمة الحجر.
عندما تجتمع كل هذه المقاييس، يبقى عامل آخر ليحدد الثمن النهائي: الندرة. على سبيل المثال، فإن الجارنت الفخم لن يستحق أبدًا نفس ثمن الياقوت المكافئ، لأن الياقوت أكثر ندرة بكثير. كما أن الياقوت الاصطناعي لن يستحق أبدًا سعر نظيره الطبيعي لنفس السبب. عمومًا، تعتبر الأحجار الأكبر حجمًا أكثر ندرة من الأصغر، وفي بعض الأحجار الكريمة، تكون الزيادة في الوزن مصاحبة لزيادة غير متكافئة في السعر. وبالتالي، فعندما يزداد وزن حجر كريم للضعف، يقفز سعره إلى أربعة أو خمسة أضعاف.
تطور قطع الأحجار الكريمة
بدأت عملية تكوين الوجيهات كما نعرفها حاليًا بقطع الألماس، من المحتمل في فرنسا وهولندا، في القرن الخامس عشر. في البداية، تم صقل الأوجه الطبيعية فقط لبلورات الألماس ثمانية الأوجه. في القرن السابع عشر، نشأ القطع الوردي، وفي حوالي 1700 تم عمل القطع اللامع، وهو القطع المفضل حاليًا لبلورات الألماس والأحجار الأخرى عديمة اللون. ومع وفرة الزمرد الناتج من الأمريكتين، تم تطوير قطع الزمرد لتوفير مادة الزمرد. ثم حدث تطور سريع لقطع أحجار كريمة أخرى، والآن يوجد المئات من طرق القطع الممكنة. البعض يقطع أشكال حرة تمامًا، والبعض الآخر يتبع أكثر طرق القطع شيوعًا.
إليك طرق قطع الأحجار الكريمة مع أمثلة لكل طريقة:
1. **القطع الكابوكون**:
- يُقطع الحجر على شكل نصف كرة مع سطح علوي محدب وسطح سفلي مسطح. تُستخدم هذه الطريقة للأحجار شبه الشفافة والمعتمة.
- **أمثلة**: العقيق، الجاسبر.
2. **القطع الوجيهات**:
- تُقطع الأحجار الشفافة إلى أوجه متعددة لتعزيز تألقها وبريقها. يتم توجيه الحجر بدقة لتحقيق أفضل لون وإخفاء العيوب.
- **أمثلة**: الأميثيست، السافير.
3. **القطع الوردي**:
- يتميز بأوجه مثلثة، ويستخدم بشكل أساسي للألماس. يتيح هذا القطع الحصول على بريق مميز.
- **أمثلة**: الألماس، الزمرد.
4. **القطع اللامع**:
- يُعتبر الأكثر شيوعًا للألماس والأحجار الأخرى عديمة اللون. يتضمن العديد من الأوجه لتعزيز الانكسار الضوئي.
- **أمثلة**: الألماس، الروبي.
5. **القطع الغائر والبارز**:
- يُستخدم لنحت النقوش في الحجر، حيث يتم تشكيل التصميم إما بروزًا أو غوصًا.
- **أمثلة**: العقيق اليماني، الجزع العقيقي.
6. **القطع الحر**:
- يتم قطع الحجر بشكل غير منتظم أو حر، مما يعطيه شكلًا فريدًا.
- **أمثلة**: الكوارتز، التوباز.
كل طريقة من هذه الطرق تساهم في إظهار جمال الحجر وتعزيز خصائصه الفريدة.
خاتمة
تُعتبر عملية قطع الأحجار الكريمة فنًا يتطلب مهارات وتقنيات متقدمة. يُظهر كل حجر كريم جماله الفريد من خلال القطع والتشكيل الدقيقين، مما يجعل هذه العملية جزءًا أساسيًا من صناعة المجوهرات. إن فهم هذه العملية يعزز من تقديرنا للأحجار الكريمة ويزيد من قيمتها في الأسواق العالمية.
المصادر
كتاب موسوعة الصخور والمعادن.
كتاب الاحجار الكريمة.
مواقع اجنبية لقص الاحجار الكريمة
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقك فهو يهمنا كثيراً